تسبب النزاع في اليمن في خسائر مروعة؛ بعضها إصابات لا يمكن الشفاء منها أبدًا. أنمار قاسم شاب صغير وقوي، بتر لغم أرضي ساقيه وإحدى ذراعيه.
يقول أنمار: "ألازم البيت ولا أقوى على الحركة. أحتاج إلى أربعة أشخاص لحملي. حتى الزحف صعب جدًا عليَّ، وأفقد توازني."
يتواصل القتال بالرغم من جهود إحلال السلام. يعني هذا بحسب خبير إزالة الألغام باللجنة الدولية، مايك ترانت، استحالة الحد من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة. بل إن الواقع على الأرض ينذر باتساع نطاق الخطر.
يقول الخبير: "الذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية قضية ضخمة هنا. وما تلبث خطوط المواجهة أن تتغير باستمرار، ما يعني تلوث مساحة كبيرة من البلاد، ويسبب هذا الوضع مشكلة ضخمة في المناطق الريفية والحضرية تحت وطأة الغارات الجوية والقصف وغيره."
يحدق الخطر بالجميع صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، فتيانًا وفتيات. منصور يبلغ خمس سنوات، مفعم بالحيوية والنزق كسائر الأطفال في هذا العمر، لكنه فقد إحدى ساقيه عندما كان رضيعًا، وفقد معها جزء من طفولته.
تقول أم منصور: "منصور يغضب عندما لا يستطيع اللعب مع الأطفال الآخرين. دائمًا يسأل عن السبب وراء ساقه الواحدة بينما شقيقته لديها اثنتان. يريد أن يرجع إلى روضة الأطفال ثانية، لكنهم يرفضون إعادته."
الأطفال أشد عرضة للخطر، لا يستطيعون تمييز لغم مميت أو قذيفة غير منفجرة إذا وقعت عيونهم عليها. تبلغ نسبة الأطفال 38 بالمئة من المرضى في مراكز إعادة التأهيل البدني الخمسة التي تدعمها اللجنة الدولية.
يضيف مايك ترانت: "رأيت بعيني حالة فتى صغير في الحديدة، فقد ساقًا وأصيب بجروح خطيرة لأنه ظن أن ما التقطه كان لعبة بينما كان في الحقيقة قطعة ذخيرة غير منفجرة.
أحضرها إلى بيته وألقاها فيه فانفجرت وأصيب هو وأمه وشقيقته إصابات بالغة جراء الانفجار."
يتوق كل شاب صغير فقد أحد أطرافه أن يستأنف حياته بنشاط ثانية، لكن العملية محفوفة بالتحديات والألم حتى مع العلاج. أسامة عباس ابن الرابعة عشر ما يزال في طور النمو، وساقه الاصطناعية الأولى التي تلقاها لم تناسبه تمامًا.
يقول: "لم يكن المشي سهلاً أبدًا، وفي عدن ركّبوا لي ساقًا أفضل. لكن أحتاج الآن إلى إجراء عملية لإصلاح العظام، وتركيب طرف اصطناعي أكثر تطورًا أيضًا."
ساعدت اللجنة الدولية 90,000 شخص العام الماضي بتوفير أطراف اصطناعية وعلاج طبيعي ودعامات وجبائر. 90,000 شخص، الكثير منهم أطفال، ما كان ينبغي أن يحتاجوا إلى هذه العلاجات، وما كان ينبغي أن يعانوا هذه الإصابات.
يتطلب وقوف هؤلاء الصغار على أقدامهم مجددًا إرادة قوية لم تخطر على بال معظمنا أن يستجمعها يومًا. وستواصل اللجنة الدولية تقديم الدعم لهم حتى يحظى أطفال، مثل شريف ابن الثانية عشر، بفرصة لاستكمال الدراسة.
قال شريف عندما رُكبت له ساق اصطناعية: "حمدًا لله. الآن أستطيع العودة إلى المدرسة، أستطيع اللعب مع أصحابي، وأستطيع السير إلى أي مكان كالأشخاص الطبيعيين!"
التأهيل البدني والأطراف الاصطناعية والتوعية بمخاطر الألغام من أوج المساعدة في هذا الصدد. واللجنة الدولية ملتزمة بمواصلة تقديم هذه المساعدات في اليمن. لكن هذه الأشياء لن تمحي الأضرار المأساوية التي وقعت. ولن يحول دون سقوط المزيد من الأطفال في بئر المعاناة المفجعة سوى التوقف عن استخدام الألغام الأرضية وإيقاف القتال لإتاحة الفرصة لتطهير الأرض من الألغام والذخائر غير المنفجرة.
حقائق أساسية
لتحميل هذا المقطع المصور، يرجى زيارة غرفة الأخبار المصورة بموقع اللجنة الدولية:
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـ:
السيدة سارا الزوقري، بعثة اللجنة الدولية في بيروت، الهاتف: +961 3138 353